الأحد، 30 سبتمبر 2018

قصة زائر منتصف الليل الجزء الثاني

الجزء التاني من القصه

 زائر منتصف الليل

هتفت ريم رغم أن صوتها كان مبحوحاً:" أمي ! لقد وصـلوا " ركضت ريم مسرعة لتتجه صوب باب المنزل , و أنا نهضت من كرسيّ و تبعتها و حينما عتّبت باب غرفتي أدركت أنهم لا يعودون قبل الغد مما جعلني أهرول مسرعاً لأصل لمعرفة زائر منتصف الليل, لكن ريم سبقتني بفتح الباب قبل أن تطأ قدمي المدخل وليتني مرنتُ قدماي لتكون أسرع من البرق و لكنني لم أفعل , و عندما وصلت إلى المدخل حينما كانت ساعة المنزل ترن عند موعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فاجأني من كان يقف خلف الباب القويم الذي قال بصوت خشن:" السلام عليكم " رجل ضخم الجثة أشعث الشعر كثيف اللحية , ملابسه مهترئة نوعاً ما و ممزقة في مواضع و يرتدي حذاءً مغبر قديم , كانت عيناه الشاحبتان و صوته و جلده المجعد الأسمر بل الأسود أكثر ما كان له وقع كبير على قلبي الذي هلع من مظهر ذلك الشيء الذي يقف أمامي الذي بدا لي أنه أعرابي أصيل , و كانت بجانبه جسد أسود يرتدي عبـاءة فضفاضة مجردة من كل ما يزينها و على يديها قفازاً أسود اللون و حذاء أسـود كما يبدو لي , ريم التي فتحت الباب لم تكن أقل هلعاً مني بل تركت الباب مفتوحاً و هرعت نحوي متشبثة بي , و حينما أدركت أنهما رجلاً و امرأة أقبلت إليهما رغم خوفي و ارتجافي و استقبلتهما بكل حفاوة حينما لا يزالان يقفان عند الباب و ريم مختبئة خلفي فرددت:" و عليكم السلام , أهلاً " ثم ترددت بقولي:" هل .. من خدمة ؟ " بدا لي أن ذلك الرجل قد استغرب من كلامي حينما بدت عيناه أكثر اتساعاً من ذي قبل ثم قال:" لا يبدو أننا أخطأنا في العنوان فهذا منزل سالم الجابري أليس كذلك ؟ " أجبت بارتباك:" بلى .. إنه هو " ثم قال:" إذاً أين والدك ؟ " أجبت حين يكاد قلبي يقع أرضاً:" لا , أبي ليس موجوداً لن يعود قبل الغد " رفع بنظره عالياً حيث السقف , حيث لا داعي للنظر هناك , لكن المرأة التي كانت تقف بجانبه أمسكت بذراعه و جذبته نحوها فانحنى جسده نحوها , ثم قربّت رأسها من رأسه , و أعتقد أنها كانت تحدثه بأمر ما , في تلك الأثنـاء لاحظت شيئاً ما , كيساً أسود كبير خلف الرجل الغريب , كان الكيس مربوطاً بحبل يصل طرفه لليد اليسر للرجل , استقام الرجل و تابع حديثه معي:" إذاً أين أمك ؟ " أجبت بسرعة:" أمي ليست موجودة أيضاً " فقال الرجل:" هل تعيشان وحدكمـا ؟ " و رغم أن سؤاله كان عادياً إلا أنه أرعبني حينما بدأت تلك الأفكار السيئة تخترق عقلي فلم أجيب لكنني قلت:" عفواً يا عم .. من أنت ؟ " ابتسم الرجل في وجهي و أجابني قائلاً : " أنا جار قديم لوالدك , و قد جئت لزيارته بعد موعد مسبق معه " استغربت كلماته , إذ كيف لوالدي أن يتخلف في موعد و لم يفعل ذلك مسبقاً , منذ تلك اللحظة بدأت هواجس العقل بالعمل وليتني لم أردعها , أردف الرجل بسرعة حينما شعرت بأن الزمن يمر عليّ ساعات:" يا بني .. قد قطعنا مسافة طويلة من أجل هذه الزيـارة , هلاّ تسمح لنا بالدخول بعض الوقت و سنعود في وقت لاحق " شعرت بالأسى عليهما إذ يبدو عليهما الإرهاق و قد تأخر الوقت و ما دعّم مشاعري نحوهما هي الكلمات الأخيرة التي كان صداها يتردد في أذني حتى سمحت لهما بالدخول إلى غرفة الضيوف ليستريحـا و قد نسيت المقولة المتداولة [ لا تفتح الباب للغرباء ] وليتني ثبتّ تلك الجملة في ذاكرتي بمسمار لا ينكسر و لا يهترئ مع مرور الزمن .

تركتهما في غرفة الضيـوف و هرعت إلى غرفتي مسرعاً لأتصل بوالدي بهاتفي الخلوي أسرعت بالضغط على الأزرار و أنا أرتجف مما رأيت و سمعت و شعرت , " لماذا أدخلتهما ؟ " صرفت نظري نحو ريم التي سألت بهدوء و هي تقف عند باب غرفتي , فأردفَت ريم:" إنهما غريبان " عندها تذكرتُ تلك المقولة بعد فوات الأوان و قد اعتلى وجهي الخوف و الارتباك و الشعور بالذنب , و لكن كل ما كان سيئاً لم يظهر بعد , [ فشلت المكالمة ] هذا ما ظهر على نافذة هاتفي المحمول فالاتصال بوالدي غير مسموح , حاولت محادثة أمي و لكن دون فائدة كما فعلت ذلك مع أختي هدى التي ذهبت معهما , احترت بما يمكن أن أفعل الآن و وقفت كالأبله أنتظر وصول القدر إليّ و نسيت أن هناك شيئاً ما يدعى بـ[ هاتف المنزل ] , لكن ريم قالت:" ألن تقدمّ إليهما المـاء ؟ يبدوان متعبان " لم أدرك ما قالته حتى انطلقَت نحو المطبخ و لكنني منعتها إلا أن أذهب معها فاستجابت لما قلت .

أي هدوء يعتريه هذا المنزل الشبه مهجور ؟ و كأنني في قلب صحراء كبيرة خالية من كل أشكال الحياة , جلست أقابلهمـا في غرفة الضيوف أرفع عيناي نحوهما كلما سنحت لي الفرصة بمراقبتها و الصوت بيننا معدوم , لا كلام لا حركة لا نفس , مما سمح بتلك الهواجس بالعودة , هل هذا الرجل صادق في كلامه ؟ أنا لم أره مسبقاً , أهو أحد المجرمين ؟ هل سيُقدِم على أذيتنا ؟ لابد أنه طلب الدخول لغرض ما , لماذا سمحت له بالدخول ؟ كم أنا أحمق , كيف نسيت توصيات أمي ؟ كيف سأخرجهم الآن ؟ ماذا سيحدث لنا ؟ , فجأة ! شعرت بشيء ما يلتصق بذراعي فنظرت كالمصعوق نحوه فإذا بها ريم تجلس بجواري , و بما أنها في العاشرة من العمر فهي لم تلتزم بحجابها بعد و أصبحنا كلنا نحن الأربعة متقابلين في غرفة الجلوس , و أخيراً نطق الرجل:" أخبرني أيها الشاب ما اسمك ؟ " أجبت و لم يكن لدي خيار:" وليد " همهم الرجل و هي يضع يده على ذقنه و قد بدآ أنه يفكر بشيء ما , و للمرة الثانية جرّت تلك المرأة بذراع الرجل و فعلت ما فعلَته سابقاً فإذا بالرجل يحرك شفتاه دون أن أسمع منهما شيئاً , الحق عليّ إن حدث لنا مكروه , إنهما غريبان ! غريبان جداً , نطقت ريم بكلمات لم أسمع منها شيئاً بصوتها المبحوح , و حينما هممت بطلب إعادة ما قالته قفز الرجل بصوته يقول لي:"وليد .. لمَ سمحت لنا بالدخول ؟ " قفز قلبي من مكانه و أصبح يجري في جسدي هلعاً بل إن دمي يكاد يتجمد في مكانه و لساني عاجز عن النطق و لم أحرك ساكناً سوى عيناي التي أشعر بها تتحرك في كل الاتجاهات بحثاً عن جواب مناسب أنطقه قبل أن يبدي هذا الرجل أي تصرف , لكنه قال:" يا وليد إن امرأتي تريد استخدام دورة الميـاه , هلاّ سمحت لها ؟ " و كأن الدهر يمر أمامي و الزمن يمر بتثاقل في مشيته و أنا بين خيارين أسهلهما مر , هل أوافق لأعرض أنفسنا للخطر أم أرفض لأعرض أنفسنا أيضاً للخطر ؟ لكنني أجبت:" نعم بالتأكيد " وقفت من مقعدي لكن الرجل منعني بقوله:" كلا أيها الشاب إن امرأتي تخاف من الرجال الأجانب عنها , و إني لا أسمح لأحد بمرافقتها دوني " تبدو معانيه مقبولة و لكن طريقة نطقه لتلك الجملة أرعبني لكنني سألت:" أتريد مرافقتها ؟ " أجاب:" ألا يمكن لأختك أن ترافقها ؟ " وقفت مندهشاً:" ريم ! " نظرت نحوها و هي تجلس بهدوء على المقعد و تنظر نحوي و قد بدا عليها الخوف , كلا لن أسمح لريم بأن ترافق تلك الغريبة وحدها , كما أنها خائفة و لا يمكن أن يكون هلعي منهما أكبر من خوفها , بالكاد تستطيع أن تصمد , لن أوافق , قال الرجل:" أتسمح أم لا ؟ " رددت قائلاً:" دورة الميـاه على يسار الغرفة في آخر الممر " أدارت المرأة برأسها نحو الرجل فحدثها بكلمات لم أفهمها و كأنه يتكلم بلغة أخرى , قامت المرأة و سارت نحو الباب , لكن

انتظرو الجزء الثالث

                     ⚫حارس⚫ القبور⚫

0 تعليقات

إرسال تعليق